الثلاثاء، 13 مارس 2012

مقدمة الموسوعة الفلسفية العظيمة: ((نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام)) تأليف رئيس الأشاعرة في عصره، ورائد الفلسفة الإسلامية (الثالث)، العلامة المُفكر الحُجّة الكبير أ. د. علي سامي النشار الأشعري الشافعي (1335 – 1400هـــــــ/ 1917 – 1980م) رضي الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.



بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الموسوعة الفلسفية العظيمة: ((نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام))
تأليف
رئيس الأشاعرة في عصره، ورائد الفلسفة الإسلامية (الثالث)، العلامة المُفكر الحُجّة الكبير أ. د. علي سامي النشار الأشعري الشافعي
(1335 – 1400هـــــــ/ 1917 – 1980م)
رضي الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.



بسم الله الرحمن الرحيم

ليس ثمة شك في أن ((الفلسفة الإسلامية)) هي التعبير النهائي المتجدد للأمة الإسلامية, والانقداح المنصهر السيال لتطور هذه الأمة الخلاق خلال الدهور. وليس في حياة المسلمين ولا في تاريخهم من حقائق أخطر ولا أدق من حقائق هذه ((الفلسفة الإسلامية))، إنها جوهر حياتهم, ومرآة تطورهم. وانعكاس لما في باطن مجتمعهم من آمال وآلام, ولقد شملت هذه الفلسفة آفاقاً متعددة, واقتحمت ميادين متسعة, ميتافيزيقية وطبيعية وأخلاقية وسياسية, وأقامت حضارة ذات طابع خاص يميزها عن غيرها من الحضارات, ويفصلها عن غيرها من الأمم؛ ولهذا كان من المحال أن نقول: إنها امتداد لحضارة أخرى, أوصورة غير متكاملة لفلسفات وأفكار سابقة.

إن الروح الفلسفي المنبعث من أمة ذات خصائص معينة يختلف عن الروح الفلسفي المنبعث من أمة مختلفة الخصائص ومختلفة الآفاق.

لا شك أن هناك تاريخاً عاماً للفلسفة يشمل الفلسفات جميعاً وتوضع هذه الفلسفات في إطاره, والفكر الإنساني متصل الحلقات, ولكن من الخطأ الكبير القول بأن الفلسفات تتشابه في جوهر مذاهبها, إنها تختلف طبقاً للانبعاث الداخلي والخارجي في الأمم. هل تشابه اليونان مع الهنود في شيء؟ وهل استطاع الهنود, وهم أمة آرية عريقة في التاريخ أن تقدم لنا ما قدمه اليونان؟ وهل استطاعت إيران القديمة, وهي أمة آرية اخرى, أن تقدم للفكر الإنساني ما قدمه الهنود أو اليونان؟ وكذلك فعل المسلمون القادمون من الجزيرة العربية, فحين التحموا بغيرهم من الأمم وكونوا معدلاً بشرياً جديداً, قدموا لنا فلسفة جديدة لم يعرفها اليونان ولا غير اليونان.

وتعقدت المسائل, وضخمت الحياة بالمسلمين, فأمسكوا بجوهر فلسفتهم الإسلامية القديم كما هو, وطوروا عرضها فقط, فبقيت كما هي منذ نشأتها حتى الأيام التي نحياها نحن الآن, فما زالت فلسفتنا وفكرنا هي ما تفلسفه أسلافنا الأقدمون وما تفكروه, ولم يظهر بيننا حتى الآن فيلسوف على طريقة أوربا, كما لم يظهر من قبل بين أسلافنا فيلسوف على طريقة يونان, أو على طريقة براهما أو زرادشت.

وما أشد عبث هؤلاء الذين يقولون إننا كنا ذيلاً لحضارة, وينبغي أن نكون ذيلاً لحضارة, وأن نفرض على كياننا الداخلي وعلى وجداننا الباطني ما صدر عن كيان غيرنا وكمُن في وجدانهم, وهذا خطأ بالغ, إننا نصدر عنا داخلياً, ونلقى إلى تراث الفكر بما تحرك في تعاريج عقلنا ذي القوام الخاص, فأحكام القيمة لدينا ليست أبداً هي أحكامهم, ولا أخلاقيتنا هي أخلاقيتهم, ولا ما نقتنصه من تشوفنا في آفاق الكون هو تشوفهم, وليس طريق الفكر والفلسفة واحداً. إنه متعدد النواحي, متعدد المسالك.

لم تكن فلسفتنا فلسفة اليونان, وإن كنا قد تناولناها, فلم يكن مجتمعنا مغلقاً تقف حواليه السدود والقلاع, بل فتح الباب العظيم, ودخل كل شيء عارياً على مدينتنا الكبرى, فأخذنا ما أخذنا ورفضنا ما رفضنا, وكان ما أخذنا قليلاً ثم وضعنا البناء العظيم وجرى الفكر نهراً سيالاً يُبدع و يُفتن.

كانت ((الفلسفة الإسلامية)) بدء عصر تنويري مبدع نفاذ, إنها أتت بخلق جديد وألقت بتصورات كبرى في تاريخ الفكر الإنساني, وحولت هذا الفكر من طور إلى طور, وسارت قدماً حتى حل الأصيل, وكاد المغيب أن يطويها ويطوي المسلمين, ولكنها – وهي قوة حيوية خلاقة – تُفتن من جديد و تُبدع.

ومنذ أن نادت ((المدرسة الإسلامية الحديثة)) بضرورة الكشف عن روح هذه الحضارة في كتابات المسلمين الأصيلة وأنا معني بتتبع نشأة هذه ((الفلسفة الإسلامية)) و ((الفكر الإسلامي)). إن ((النشأة)) هي اللبنة التي يقوم عليها أساس الفلسفة الإسلامية والفكر الإسلامي.

مُجدّد الإسلام ومُفتي الدّيار المصرية الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده الحنفي (1266 - 1323هــــ) رضي الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، (تلميذ الإمام السيّد جمال الدّين الأفغاني الحُسيني (1254 - 1314هــــ) قدّس الله سرّه). 


وشغلت بتأريخ هذه المرحلة الأولى الخطيرة, فكتبت الكتاب الأول أو الطبعة الأولى ((منهجًا)) لا ((مادة)), أردت به أن أوجه أنظار الباحثين إلى منهج البحث في هذه الفلسفة, وكيف نتناولها في مصادرها الأصلية.

ثم قدمت الطبعة الثانية من هذا الكتاب في جزءين ((منهجًا)) و ((مادةً)), وحاولت أن أقوم بدراسة تركيبية لهؤلاء المفكرين الأوائل الذين قامت ((الفلسفة الإسلامية)) على أكتافهم.
وما إن نفدت الطبعة الثانية حتى وجدت أن من واجبي أن أقدم الطبعة الثالثة التي نفدت فقدمت الطبعة الرابعة وهأنذا أقدم السابعة.

أما ((المنهج)) فلم يتغير في الطبعات كلها, وأما ((المادة)) فقد كبرت وضخمت, فبدا الكتاب على غير ما يعرفه قارئ الطبعات السابقة, أضيفت إليه مواد واستخدمت فيه وثائق ومصادر جديدة, وما زلت أؤكد أن البحث في ((النشأة)) لم يتم بعد, ولابد من سنوات أخرى تبرز فيها وثائق ما زالت مطمورة, وتتضح فيه حقائق ما زالت مغمورة وتبين عن أصالة هذه الفلسفة وقوتها الدافقة, وتكشف عن تكامل نسقها.

ولم تكن أبحاثي وحدها في الميدان تبحث ((الفلسفة الإسلامية)) في وجهتها الصحيحة, إن الأبحاث المستفيضة في تاريخ هذه الفلسفة تتوالى عاماً بعد عام.

ومنذ أن أعلن شيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق –أستاذ الفلسفة الإسلامية الأول القديم– دعوته إلى دراسة ((الفلسفة الإسلامية)) في مظانها الحقيقية, وتلامذته الأقدمون قد نفروا إلى أعنف موضوعاتها, يدرسونها في تؤدة وإتقان, ثم يقدمونها للحياة الإسلامية المعاصرة, وللمسلمين جميعًا في صورة متلألئة فاتنة.

شيخ الجامع الأزهر الشريف ورائد الفلسفة الإسلامية (الأول): فضيلة الإمام الأكبر مصطفى عبد الرازق الأشعري الشافعي (1303 - 1366هـــ) رضي الله عنه، (تلميذ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده الحنفي (1266 - 1323هــــ) قدّس الله سرّه). 


ظهرت الأبحاث الغنية العارمة من رجال تلك المدرسة, فوضحت قواعدها وثبتت ركائزها, وانطلق كل في نطاقه يعرض لأصالة ((الفكر الإسلامي)) في ناحية من نواحي هذا الفكر.

أما أقدم هؤلاء المشيخة القدامى: فهو العلامة العظيم المرحوم محمود الخضيري وقد فقدناه وهو في أوج نضجه, ولا ينسى تلامذته الكثيرون في الجامعات العربية ما ألقاه إليهم من محاضرات تكشف عن ملامح ((الفلسفة الإسلامية)) الحقيقية في عصورها المختلفة, ولا ينسى الباحثون تحقيقاته العميقة الرائعة المنشورة وغير المنشورة في شتى نواحي ((الفلسفة الإسلامية)). وكم نرجو أن يتمكن البعض من تلامذته أن يجمع أعماله العلمية لتكون أول سجل حافل لأعمال هذه المدرسة الأولى في محاولتها الحضارية للكشف عن حقيقة ((الفكر الإسلامي)).

تأليف: شيخ الأزهر الإمام مصطفى عبد الرازق الأشعري الشافعي (1303 - 1366هـــ) رضي الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.


أما ثاني هؤلاء المشيخة: فهو الدكتور محمد مصطفى حلمي, وقد ورث هذا الشيخ العتيق ميراث شيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق في جامعة القاهرة وأخذ مكانه , وحمل في أناقة فاتنة رسالة الأستاذ الكبير. وتبدَّى هذا واضحًا في توفره على فلسفة الحب الإلهي لدى سلطان العاشقين ((عمر بن الفارض)), كما كانت كتاباته عن الحياة الروحية في الإسلام أكبر دليل على انبثاق هذه الحياة في جوهرها عن الإسلام وحده, وقد ملأت كتابات مصطفى حلمي في التصوف فجوة كبيرة في تاريخ ((الفلسفة الإسلامية)), موضحة هذا الجانب الأصيل فيها, كاشفة عن أسرارها و دقائقها.



أما ثالث التلاميذ فهو: الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريدة, ولقد كانت حياة أبي ريدة غنية بالفلسفة, لقد اقتحم ميدانها الوعر, فكتب في باكورة شبابه كتابه العظيم: (( إبراهيم بن سيّار النظّام وآراؤه الفلسفية والكلامية)). ولم أر عبقريًّا بين كتب الفلسفة جميعًا كما رأيت كتاب أبي ريدة. لقد كون المذهب النظامي خلال شذرات قام بتركيبها على أساس منهجي متكامل, وأثبت أن لهذا الشيخ الكبير من شيوخ المعتزلة فلسفة ذات أصالة تجعله في الرعيل الأول من فلاسفة هذه الدنيا, ثم نشر الدكتور أبو ريدة رسائل ((الكندي)) وعاش معه وفيه, وحاول أن يظهر في وضوح وخصب حقيقة ((الكندي)) بين الكلام والفلسفة, وأن يخلص مذهبه من أوضار فلسفة اليونان التي يختلف فيها عن فلسفة الإسلام, وسواء صحت المحاولة أو لم تصح, فإن عبد الهادي أبو ريدة إنما يصدر عن منهج شيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق في أصالة ((الفلسفة الإسلامية)) وعبقريتها, وظهر دفاع محمد عبد الهادي أبو ريدة عن أصالة ((الفلسفة الإسلامية)) واستقلالها في تعليقاته الزاخرة على كتاب ((تاريخ الفلسفة في الإسلام)) للأستاذ دي بور, و الذي قام عبد الهادي أبو ريدة نفسه بترجمته من الألمانية إلى العربية.

فيلسوف الإسلام وموقظ الشرق ورائد النهضة الإسلامية العالمية الحديثة: الإمام العلامة الأمير السيّد جمال الدّين الأفغاني الحُسيني الحنفي المُجدّدي (1254 - 1314هــــ) رضي الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.


ولم تكن مدرسة شيخ الأزهر مصطفى عبد الرازق وحدها تقوم بهذا التفسير الحضاري العلمي لحقيقة ((الفلسفة الإسلامية)) ولحقيقة الإسلام, بل سرعان ما تكونت مدرسة أخرى ذات طابع عقلي في ((دار العلوم)) موطن العلم العربي وحاملة التراث الإسلامي المقدس في جميع نواحيه, سرعان ما ظهرت المدرسة العقلية الإسلامية فيها على يد العالم الكبير الدكتور محمود قاسم, لقد توجه هذا الأستاذ الأول للفلسفة الإسلامية في الشرق الأوسط إلى منهج جديد في البحث, هو إحياء النظرة العقلية في شباب العرب خاصة والمسلمين عامة, فنشر أبحاثه الفياضة عن ((ابن رشد)) سواء في الفرنسية أو في العربية.

وقد تناول محمود قاسم ((ابن رشد)) من ناحية جديدة, وهي أنه معبر أيضًا عن روح ((الفلسفة الإسلامية)) وأصالتها وأنه لم يتابع أرسطو متابعة الأعمى, وبهذا أنكر محمود قاسم خرافة شارح أرسطو وثم بيًّن في ضوء تحليل جديد ووثائق جديدة أثر ((ابن رشد)) في فيلسوف المسيحية توماس الأكويني. ونشر محمود قاسم كتابه الرائع: ((نظرية المعرفة عند ابن رشد و أثرها في توماس الأكويني)) كما نشر ((مناهج الأدلة)) لابن رشد, مع مقدمة مستفيضة يعرض فيها آراءه في ((الأشاعرة)) و ((الماتريدية)) و ((المعتزلة), فيهاجم الأولى ويمجد الثانية والثالثة!.



إنني لا أوافق محمود قاسم في آرائه عن ابن رشد ولا في مهاجمته للأشاعرة وتمجيده للمعتزلة. إنني – كمفكر أشعري يرى أن عمله الأساسي في الحياة هو المحافظة على كيان ((المذهب الأشعري)) مذهب الجمهور العظيم من المسلمين ورباط حياتهم – أنكر كل الإنكار فكرة محمود قاسم الرئيسية, وهي: أن المذهب المعتزلي من ناحية , والمذهب الرشدي من ناحية ثانية أقرب عقلًا إلى روح الإسلام من ((مذهب الأشاعرة)). إنني أرى أن ((الأشعرية)) هي آخر ما وصل إليه العقل الإسلامي الناطق باسم القرآن والسنة, المعبر عنها في أصالة وقوة. وإن ما بقي للمسلمين بعد في الحياة حتى نهاية الدنيا, هو الأخذ بهذا المذهب كاملًا وتطويره خلال العصور, وعلى حسب مقتضيات الأجيال المقبلة. ونحن في أشد الغنى عن تحجر المعتزلة العقلي, كما أننا على بعد كامل عن تفسير ((ابن رشد)) للإسلام في ضوء فلسفة أرسطو. لقد اطمأن المسلمون من قبل في بواديهم, كما اطمأنوا من قبل في حواضرهم إلى ((المذهب الأشعري)), وتخلصوا من شوائب العقل البحت وكما تخلصوا من أدران الغنوص في ضوء هذا المذهب, وحفلت حياتهم في ضوء تعاليمه وتعاليم رجاله.



إن ثراء الحياة الإسلامية كلها يعود إليه وبه وبواسطة رجاله, خصبت آراؤه ((الفلسفية)) و ((السياسية)) و ((الفقهية)) و ((الأصولية)) و ((اللغوية)) و ((الصوفية)) و ((العلمية)). لقد شع النور حيثما كان, وانتشر ضوء حيثما ظهر, وبقي الإسلام حيثما كان, بينما كانت المعتزلة – وهي إسلامية في جوهرها ولكنها لا تمثل الإسلام كاملاً حاجة مؤقتة من حاجات المجتمع الإسلامي, أرادها وقتًا, ثم تخلص منها بعد. أما المذهب الرشدي – إن صح تفسير محمود قاسم له – فهو ترف عقلي, لم يؤثر في مجتمع المسلمين أدنى تأثير.

هذا هو الخلاف الأكبر بين محمود قاسم وبيننا. ولكن هناك اتفاقًا كاملاً بيننا وبينه في أنه حيثما تفحص ((الفلسفة الإسلامية)) فإنك تقابل الأصالة الفكرية, والقوة المنبعثة في تفكير المسلمين. وقد استطاع محمود قاسم أن يكون مجموعة من التلاميذ يتدارسون آراءه وينشرونها, واحتل مكانه الكبير في تاريخ الباحثين في روح ((الفلسفة الإسلامية)) وتبيين أصالتها.



ولست أود أبدًا أن أغض من أعمال مجموعة من شباب الباحثين الذين أقبلوا على ((تاريخ الإسلام الفكري)), وكونوا جيلاً من جبابرة العلماء. إنهم بعد قليل سيتولون أمر ((الفلسفة الإسلامية)) وتوجيه الحياة الروحية الإسلامية وعلى عاتقهم سيكون أمر الحفاظ على هذا التراث. إنهم يسيرون على أرض أسهل فقد مهد لهم الطريق, لقد تفتحت عقول المسلمين من هذه الفلسفة, فعليهم هم أن يحملوا مشاعلها, وأن يوضحوا حقائقها. وأُقدِّم على سبيل المثال لا سبيل الحصر بعض أسماء هؤلاء العلماء وأبحاثهم:

الدكتور عمار الطالبي في أبحاثه العميقة عن الخوارج وعن ((ابن العربي)) الفيلسوف الأشعري وعن ((ابن باديس)).
 والدكتور محمد رشاد سالم في أبحاثه العميقة عن ابن تيمية.
 والدكتورة فوقية حسين في أبحاثها عن ((إمام الحرمين)) فيلسوف الأشاعرة الكبير.
 والدكتور فتح الله خليف في أبحاثه عن ((فخر الدين الرازي )) و ((الماتريدية)).
 والدكتور عبد القادر محمود في أبحاثه عن ((الإمامية)) و ((تاريخ التصوف)).
 والدكتور أحمد صبحي في أبحاثه عن ((علم الكلام)) و ((علم الأخلاق)) عند المسلمين وغير هؤلاء كثيرون.

كل هؤلاء إنما يتجهون نحو توضيح ((منهج المدرسة الإسلامية الحديثة)), وتدعيم مادتها. أما منهجها فهو بحثهم ((الفلسفة الإسلامية)) في مظانها الحقيقية: ((الكلام)) و ((التصوّف)), وأما مادتها فيما ينشرونه من أبحاث في هذه الموضوعات وما يعدونه من مخطوطات نشر البعض منها, والبعض ما زال في طريقه إلى النشر.



وقد يتساءل البعض: و ما حظ الأزهر – وقد كان معقل الإسلامية العظمى الأشاعرة – في الدراسات الإسلامية الفكرية وبعثها و توضيح حقائقها, والوقوف بالمرصاد لأوروبا وعلمائها جميعًا؟ ولست أود في هذه الآونة أن أعرض لمشكلة الدراسات الإسلامية الفكرية فيه, غير أنني أقول: إن ملامح مدرسة كبيرة ستؤدي عملها فيه أمام ضمير العالم الإسلامي, تظهر الآن بقوة على يد عالم الإسلام الكبير الأستاذ الدكتور عبد الحليم محمود, ولقد نشر عبد الحليم محمود أبحاثًا طوالاً عن حقيقة ((الفكر الإسلامي)), واستفاضت أبحاثه, وستمضي مدرسته قدمًا في هذا الميدان, لا توقفها حركات ناشزة تحاول أن توقف مجرى البعث العظيم.



وفي حركة البعث الكبيرة للعالم الإسلامي الخالص, يقوم علماء أزهريون بمجهود علمي جبار في إحياء وبعث ((الفكر الإسلامي)): أما أولهم, فهو الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن بيصار في أبحاثه المتعددة الممتازة عن ((ابن رشد)) وتوضيح حقيقة فكره وعن ((الغزالي)) وفكره وفلسفته, ثم الدكتور سليمان دنيا. وقد شارك في إحياء أعمال سيد مفكري الإسلام على مر العصور ((أبي حامد الغزالي)) رضي الله عنه, ثم كتب دراسات مهمة عن حقيقته. أما الأستاذ نور الدين شريبة فقد أحيا لنا نوادر المخطوطات في التصوف بتحقيق علمي نادر المثال.

وقد تعودت من قبل أن أعرض لآراء المدرسة الإسلامية الحديثة, وأن أعرض لآراء المدرسة الأوربية الحديثة. هؤلاء الذين التحموا بالفكر الأوربي وتفتتوا أذلاء في فكره المنتن الآفن, وأعلنوا أنه لم تكن هناك عبقرية فكرية إسلامية!, وأن عمل المسلمين الأساسي كان قبول الفكر اليوناني والافتتان بفتنته. وكانت كتاباتي كلها ردًّا على هذه الدعوة الكاذبة, ومنذ أن نشرت كتابي الأول: ((مناهج البحث عند مفكري الإسلام ونقد المسلمين للمنطق الأرسططاليسي)) وآراء هذه المدرسة تتهافت تهافتًا كاملاً, اختفت أسطورة الفتنة اليونانية من نطاق البحث ولم يعد يشعر أحد بوجودها, اللهم إلا إذا تعالت صيحة عصبية من رجالها الآفلين, تصرخ في جنون: أن تراثنا هو تراث اليونان, وأن فكرنا هو فكرهم, وأن حياتنا الفكرية ينبغي أن تربط بخلائف اليونان أوربا وأمريكا.



وقد أثارت مقدمة الطبعة الثالثة لهذا الكتاب ضجة كبرى, حين كشفت – في إيمان كامل – عن حقيقة هذه المدرسة وحقيقة وجودها, لقد حق فيهم حقيقة ما ذكره سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم: "إني لا أخاف على أمتي مؤمنًا ولا مشركًا, أما المؤمن فيقمعه الله بإيمانه, وأما المشرك فيقمعه الله بشركه, ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان, عالم اللسان, يعلم ما تفعلون وينكر ما تقولون". كان هؤلاء على الإسلام وحقائقه والمسلمين وعقيدتهم أخطر من كل أعدائه.

لقد ظلموا الإسلام أشد الظلم, وأنكروه بكل وسيلة, كما حاربوا ((الفكرة العربية)) حينما صارت العربية علمًا على ((الوحدة)) فأنكروا انتماءنا للعرب أشد الإنكار, ولقد ذهب البعض منهم إلى بارئه, وبقيت القلة منهم, ولعلهم أن يعودوا عن ظلم أقدس ما لدينا, ولعلهم يذكرون حديث أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك و تعالى: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي, وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا. يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا ولا أبالي, فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم, يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني, ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما أنقص ذلك من ملكي شيئًا, يا عبادي لو أن أولكم وآخركم و إنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني, فأعطيت كل إنسان منهم ما سأله ما أنقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص البحر إذا غمس فيه المخيط, يا عبادي إنما أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها, فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".



أما بعد, فإني أقول: لعلهم أن يعودوا عن ظلم عقيدتهم وتراثهم وكيانهم. إنهم لن يضروا الإسلام شيئًا, إنهم أحقر من جناح بعوضة, ولن يغني طنينهم شيئًا, إن مسرح الأمة الإسلامية وبالتالي الأمة العربية قد خلا منهم إلى الأبد, وبقيت صفحة الذين ذهبوا منهم إلى الأبد, وبقيت صفحة الذين ذهبوا منهم إلى الله ملطخة بالعار والشنار. لقد خلت النذر من قبل و لم يستفيقوا, وأرجو أن يتيقن الباقون منهم في الحياة من النذر, نذر الله المتتاليات, وأن يعلنوا إنابتهم إلى الله, وإنابتهم وعودتهم: العودة الدائمة إلى حظيرة الله.

والله ولي التوفيق..

(طبعة دار السلام سنة: 1429هـــ/2008م)، في ثلاث مجلدات ضخمة. 

الثلاثاء، 24 يناير 2012

رائدُ الفلسفة الإسلاميّة (الثاني) شيخ الأزهر الإمام النّوراني أ. د. عبد الحليم محمود الأشعري المالكي الشّاذلي 1328 - 1398هــــ رضي الله عنه.


رائدُ الفلسفة الإسلاميّة (الثاني) شيخ الأزهر الإمام النّوراني أ. د. عبد الحليم محمود الأشعري المالكي الشّاذلي 1328 - 1398هــــ رضي الله عنه. 


سُلطان العلماء والأوليــــــــــاء والعارفين، شيخُ الإسلام والجامع الأزهر الشريف الإمام المُجدّد الربّاني مولانا عبد الحليم محمود الأشعري المالكي الشاذلي 1328 - 1398هــــ قدّس الله سره.. ورضي الله عنه وأرضاه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ونفعنا بعلومه ومعارفه في الدارين.

شيخ الأزهر الإمام عبد الحليم محمود الشاذلي 1328 - 1398هـــ رضي الله عنه
 شيخ الإسلام والمسلمين، وإمام أئمة أهل السُنة والجماعة في عصره، فريد دهره ووحيد عصره: سيّدنا ومولانا عبد الحليم محمود الأشعري المالكي الشاذلي (1328 - 1398هــــ/ 1910 - 1978م) قدّس الله روحه، ونوّر ضريحه، عالمٌ ربانيٌ أزهريٌ جليل، وعلامةٌ محققٌ كبير، فقيهٌ، أصوليٌ، مُحدِّثٌ، مسندٌ، لغويٌ، متكلمٌ، صوفيٌ، فيلسوفٌ نظار، مفكرٌ، جامعٌ بين علوم الشريعة وأسرار الحقيقة، المجمعُ على جلالة قدره وولايته وإمامته في الدّين في سائر أنحاء العالم العربي والإسلامي، وزير الأوقاف المصري، وشيخ الجامع الأزهر الشريف في الفترة بين عامي (1393 - 1398هــــ/ 1973 – 1978م).

رائدُ الفلسفة الإسلاميّة (الثاني) شيخ الجامع الأزهر الشريف الإمام النّوراني أ. د. عبد الحليم محمود الأشعري المالكي الشّاذلي 1328 - 1398هــــ رضي الله عنه. 


محتويات :

1 - سيرته الذاتية . 2 - توليه المشيخة الكبرى للأزهر الشريف . 3 - إرهاصات الإصلاح والتجديد والنهضة العلمية بالأزهر الشريف . 4 - استعادة هيبة الأزهر ومشيخته. 5 - مسؤولية شيخ الأزهر . 6 - الكتب الدينية المشتركة . 7 - المحاكم العسكرية غير مؤهلة . 8 - التوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية . 9 - تطبيق الشريعة الإسلامية . 10 - الاهتمام بأمور المسلمين وشؤونهم . 11 - الأزمة المغربية الجزائرية .12 - وفاة فضيلة الأمام الأكبر - قدس الله روحه ونور ضريحه -.13 - مصادر خارجية . 14 - طالع أيضًا.



 سيرته الذاتية رضي الله عنه :

 ولد رضي الله عنه في 2 جمادى الأولى سنة 1328هــــــــــ الموافق 12 مايو 1910م، بقرية أبو أحمد مركز بلبيس بمحافظة الشرقية. نشأ في أسرة كريمة مشهورة بالعلم والصلاح والتقوى، وكان أبوه ممن تعلم بالجامع الأزهر الشريف. حفظ القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر سنة 1343هــــــــ/ 1923م، حصل على العالمية سنة 1351هـــــــ = 1932م، ثم سافر إلى فرنسا على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه العالي حيث حصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية عن العارف بالله الإمام الحارث بن أسد المحاسبي رضي الله عنه سنة 1359هــــــ = 1940م. بعد عودته عمل مدرسا لعلم النفس بكلية اللغة العربية بكليات الأزهر ثم عميدا لكلية أصول الدين سنة 1384هـــــــ = 1964م، وعضوا ثم أمينا عاما لمُجمع البحوث الإسلامية فنهض به وأعاد تنظيمه، عُين وكيلا للأزهر سنة 1390 هـــــــــ = 1970م فوزيرا للأوقاف وشؤون الأزهر.



رائد الفلسفة الإسلامية (الأول): شيخ الجامع الأزهر الشريف الإمام الأكبر مُصطفى عبدالرّازق الأشعري الشافعي
1303 - 1366هــــــــــ رضي الله عنه 
(تلميذ الإمام محمد عبده). 


توليه رضي الله عنه المشيخة الكبرى للأزهر الشريف :


 تولى الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه مشيخة الأزهر في ظروف بالغة الحرج، وذلك بعد مرور أكثر من 10 سنوات على صدور قانون الأزهر سنة 1381هــــــــ = 1961م الذي توسع في التعليم المدني ومعاهده العليا، وألغى هيئة كبار العلماء، وقلص سلطات شيخ الأزهر، وغلّ يده في إدارة شؤونه، وأعطاها لوزير الأوقاف وشئون الأزهر، وهو الأمر الذي عجّل بصدام عنيف بين شيخ الأزهر الأسبق الإمام الأكبر محمود شلتوت رضي الله عنه الذي صدر القانون في عهده وبين تلميذه الدكتور محمد البهي الذي كان يتولى منصب وزارة الأوقاف، وفشلت محاولات الشيخ الجليل - الإمام محمود شلتوت - في استرداد سلطاته، وإصلاح الأوضاع المقلوبة. لم يكن أكثر الناس تفاؤلا يتوقع للإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه أن يحقق هذا النجاح الذي حققه في إدارة الأزهر، فيسترد للمشيخة مكانتها ومهابتها، ويتوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية على نحو غير مسبوق، ويجعل للأزهر رأيا وبيانا في كل موقف وقضية، حيث أعانه على ذلك صفاء نفس ونفاذ روح، واستشعار المسؤولية الملقاة على عاتقه، وثقة في الله عالية، جعلته يتخطى العقبات ويذلل الصعاب. للإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه أكثر من 100 مؤلف وكتاب في الدراسات الإسلامية والتصوف والفلسفة الإسلامية والغربية، بعضها باللغة الفرنسية.



من أشهر كتبه ومصنفاته:

 - أوروبا والإسلام.

- التوحيد الخالص، أو : الإسلام والعقل.

- أسرار العبادات في الإسلام. -

- التفكير الفلسفي في الإسلام (وهو من أعظم مصنفاته).

- القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم.

- سلسلة تراجم وسير أقطاب التصوف الإسلامي.


- المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه.



- ((موسوعة أعمال الإمام عبد الحليم محمود)):

  بيانات الموسوعة العلمية المباركة:

المؤلف : 

شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر أ. د. عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه .

عدد الأجزاء: 17الطبعة رقم : 1الناشر: دار الكتاب اللبناني . القياس 24cm x 17cm : الغلاف: تجليد فني فاخر مع علبة .

تعريف الناشر :

- التفكير الفلسفي في الإسلام - جزء 1

- الرسول صلى الله عليه وسلم - جزء 2 

- يا رب - جزء 3

- العبادة (أحكام الرسول) - جزء 4

- محمد رسول الله - جزء 5

- الحج إلى بيت الله الحرام - جزء 6

- فلسفة ابن طفيل الأندلسي - جزء 7

-  شرح كتاب: ((المنقذ من الضلال)) لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي رضي الله عنه - جزء 8

- الإسلام والإيمان - جزء 9 

-  الإسلام والايمان - جزء 10

- الإسلام والشيوعية - جزء 11 

-  قطبا المغرب - جزء 12 

-  دلائل النبوة - جزء 13 

- الفقهاء والمحدثون - جزء 14 

- الفقهاء والمحدثون - جزء 15 

-  الفقهاء والمحدثون - جزء 16 

- لطائف المنن - جزء 17


إرهاصات الإصلاح والتجديد والنهضة العلمية الكبرى بالأزهر الشريف:


بدت بوادر الإصلاح واضحة في سلوك الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه بعد توليه أمانة مجمع البحوث الإسلامية الذي حل محل هيئة كبار العلماء، فبدأ بتكوين الجهاز الفني والإداري للمجمع من خيار رجال الأزهر، وتجهيزه بمكتبة علمية ضخمة استفاد في تكوينها صداقاته وصلاته بكبار المؤلفين والباحثين وأصحاب المروءات. عمل الإمام رضي الله عنه على توفير الكفايات العلمية التي تتلاءم ورسالة المجمع العالمية، وفي عهده تم عقد مؤتمر مجمع البحوث الإسلامية، وتوالى انعقاده بانتظام، كما أقنع المسؤولين بتخصيص قطعة أرض فسيحة بمدينة نصر لتضم المجمع وأجهزته العلمية والإدارية، ثم عني بمكتبة الأزهر الكبرى، ونجح في تخصيص قطعة أرض مجاورة للأزهر لتقام عليها.أثناء توليه رضي الله عنه لوزارة الأوقاف عني بالمساجد عناية كبيرة، فأنشأ عددا منها، وضم عددا كبيرا من المساجد الأهلية، وجدد المساجد التاريخية الكبرى مثل جامع سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه، أقدم مساجد الإسلام في قارة إفريقيا كلها، وأوكل الخطبة فيه إلى الشيخ الإمام المجدد الرباني محمد الغزالي (1336 - 1416هـــــ) رضي الله عنه فدبت فيه الروح، وعادت إليه الحياة بعد أن اغتالته يد الإهمال، وتدفقت إليه الجماهير من كل صوب وحدب، وأنشأ بمساجد الوزارة فصولا للتقوية العلمية ينتفع بها طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية جذبت آلافا من الطلاب إلى المساجد وربطتهم بشعائر دينهم الحنيف.رأى الإمام رضي الله عنه أن للوزارة أوقافا ضخمة تدر ملايين الجنيهات أخذها الإصلاح الزراعي لإدارتها لحساب الوزارة، فلم تعد تدر إلا القليل، فاستردها من وزارة الإصلاح الزراعي، وأنشأ هيئة كبرى لإدارة هذه الأوقاف لتدر خيراتها من جديد، وعلم أن هناك أوقافا عدت عليها يد الغصب أو النسيان، فعمل على استرداد المغتصب، وإصلاح الخرب.


 استعادة هيبة الأزهر الشريف وشيخه الأكبر : 




 صدر قرار تعيين الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه شيخا للأزهر الشريف في 22 صفر 1393هـــــــ = 27 مارس 1973م، وكان هذا هو المكان الطبيعي الذي أعدته المقادير له، وما كاد الإمام رضي الله عنه يمارس أعباء منصبه وينهض بدوره على خير وجه حتى بوغت بصدور قرار جديد من رئيس الجمهورية في 17 جمادى الآخرة 1394هــــــــ = 7 يوليو 1974م، يكاد يجرد شيخ الأزهر مما تبقى له من اختصاصات ويمنحها لوزير الأوقاف والأزهر، فما كان من الإمام إلا أن قدم استقالته لرئيس الجمهورية على الفور، معتبرا أن هذا القرار يغض من قدر هذا المنصب الإسلامي الجليل ويعوقه عن أداء رسالته الروحية في مصر والعالم العربي والإسلامي.روجع الإمام الأكبر رضي الله عنه في أمر استقالته، وتدخل الحكماء لإثنائه عن قراره، لكن الإمام أصر على استقالته، وامتنع عن الذهاب إلى مكتبه، ورفض تناول راتبه، وطلب تسوية معاشه، وأحدثت هذه الاستقالة دويا هائلا في مصر وسائر أنحاء العالم العربي والإسلامي، وتقدم أحد المحامين الغيورين برفع دعوى حسبة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد رئيس الجمهورية ووزير الأوقاف، طالبا وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية.إزاء هذا الموقف الملتهب اضطر الرئيس محمد أنور السادات إلى معاودة النظر في قراره ودراسة المشكلة من جديد، وأصدر قرارا أعاد فيه الأمر إلى نصابه، جاء فيه: ((شيخ الأزهر هو الإمام الأكبر وصاحب الرأي في كل ما يتصل بالشؤون الدينية والمشتغلين بالقرآن وعلوم الإسلام، وله الرياسة والتوجيه في كل ما يتصل بالدراسات الإسلامية والعربية في الأزهر)). تضمن القرار أن يعامل شيخ الأزهر معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش، ويكون ترتيبه في الأسبقية قبل الوزراء مباشرة، وانتهت الأزمة وعاد الشيخ إلى منصبه ليواصل جهاده. وجدير بالذكر أن قرارا جمهوريا صدر بعد وفاة الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه بمساواة منصب شيخ الأزهر بمنصب رئيس الوزراء.

مسؤولية شيخ الأزهر الشريف :


كان الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه يدرك خطورة منصبه، وأنه مسؤول عن القضايا التي تتعلق بالمسلمين، وأنه لا ينتظر من أحد توجيها إلى النظر في بعض القضايا وغض النظر عن بعضها، فكان للأزهر في عهده رأي ومقال في كل قضية وموضوع يتعلق بأمر المسلمين، فتصدى لقانون الأحوال الشخصية الذي حاولت الدكتورة عائشة راتب إصداره دون الرجوع إلى الأزهر، وحرصت على إقراره من مجلس الشعب على وجه السرعة، وكان هذا القانون قد تضمن قيودا على حقوق الزوج على خلاف ما قررته الشريعة الإسلامية.ولما علم الإمام الأكبر رضي الله عنه بهذا القانون أصدر بيانا قويا حذر فيه من الخروج على تعاليم الإسلام، وأرسله إلى جميع المسئولين وأعضاء مجلس الشعب وإلى الصحف، ولم ينتظر صدور القانون بل وقف في وجهه قبل أن يرى النور، لكن بيان الإمام تآمرت عليه قوى الظلام فصدرت التعليمات إلى الصحف بالامتناع عن نشره، واجتمعت الحكومة للنظر في بيان الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه، ولم تجد مفرا من الإعلان عن أنه ليس هناك تفكير على الإطلاق في تعديل قانون الأحوال الشخصية، وبذلك استطاع الإمام أن يقتل هذا القانون في مهده.


الكتب الدينية المشتركة :


اقترح البابا شنودة بطريرك الأقباط في مصر تأليف كتب دينية مشتركة ليدرسها الطلبة المسلمون والمسيحيون جميعا في المدارس، مبررا ذلك بتعميق الوحدة الوطنية بين عنصري الأمة، وتقوية الروابط بينهما. لقي هذا الاقتراح قبولا بين كبار المسئولين، وزار الدكتور مصطفى حلمي وزير التربية والتعليم آنذاك الإمام الأكبر رضي الله عنه ليستطلع رأيه في هذا الاقتراح، لكن الشيخ الغيور واجه الوزير بغضبة شديدة قائلا له: ((من آذنك بهذا، ومن الذي طلبه منك، إن مثل هذه الفكرة إذا طلبت فإنما توجه إلينا من كبار المسؤولين مباشرة، ويوم يطلب منا مثل هذه الكتب فلن يكون ردي عليها سوى الاستقالة)).فما كان من الوزير إلا أن استرضى الشيخ الغاضب وقدم اعتذارا له قائلا له: (إنني ما جئت إلا لأستطلع رأي فضيلتكم وأعرف حكم الدين، ويوم أن تقدم استقالتك لهذا السبب فسأقدم استقالتي بعدك مباشرة)!.

 المحاكم العسكرية غير مؤهلة :



 من مواقف الشجاعة الشهيرة للإمام ما أبداه تجاه المحكمة العسكرية التي تصدت للحكم في قضية جماعة: ((التكفير والهجرة)) المصرية، وكانت المحكمة قد استعانت بعدد من علماء الأزهر لإبداء الرأي في فكر هذه الجماعة، غير أن المحكمة لم تسترح لرأيهم، وكررت ذلك أكثر من مرة، وكانت في عجلة من أمرها؛ الأمر الذي جعلها تصدر أحكاما دون استئناس برأي الأزهر الشريف.لم تكتف هذه المحكمة بذلك بل تضمن حكمها هجوما على الأزهر وعلمائه، وقالت: (إنه كان على المسئولين عن الدعوة الدينية أن يتعهدوا الأفكار بالبحث والتدبر بدلا من إهمالها وعدم الاعتناء بمجرد بحثها. ولمزت المحكمة علماء الأزهر بقولها: (ووا أسفا على إسلام ينزوي فيه رجال الدين في كل ركن هاربين متهربين من أداء رسالتهم أو الإفصاح عن رأيهم أو إبداء حكم الدين فيما يعرض عليهم من أمور، فلا هم أدوا رسالتهم وأعلنوا كلمة الحق، ولا هم تركوا أماكنهم لمن يقدر على أداء الرسالة).كانت كلمات المحكمة قاسية وغير مسؤولة وتفتقد إلى الموضوعية والأمانة، وهو ما أغضب الإمام الأكبر رضي الله عنه لهذا الهجوم العنيف، فأصدر بيانا امتنعت معظم الصحف اليومية عن نشره، ولم تنشره سوى صحيفة (الأحرار). في هذا البيان اتهم الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه المحكمة بالتعجل وعدم التثبت، وأنها لم تكن مؤهلة للحكم على هذا الفكر، وأنها تجهل الموضوع الذي تصدرت لمعالجته، وكان يجب عليها أن تضم قضاة شرعيين يقفون موقفها ويشاركونها المسؤولية ويتمكنون من الاطلاع على جميع ظروف القضية ونواحيها فيتمكنون من إصدار الحكم الصحيح.اتهم الإمام رضي الله عنه المحكمة بأنها لم تمكن علماء الأزهر الشريف من الاطلاع على آراء هذا التنظيم أو الاستماع إلى شرح من أصحابه، والاطلاع على كافة الظروف التي أدت بهم إلى هذا الفكر، واكتفت بأن عرضت عليهم المحضر الذي سجلته النيابة من أقوال ومناقشات، وهذا لا يرقى أن يكون مصدرا كافيا يقوم عليه بحث العلماء، أو أساسا متكاملا تصدر عليه أحكام.

التوسع في إنشاء المعاهد الأزهرية :


 تولى الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه مشيخة الأزهر الكبرى في وقت اشتدت فيه الحاجة لإقامة قاعدة عريضة من المعاهد الدينية التي تقلص عددها وعجزت عن إمداد جامعة الأزهر بكلياتها العشرين (20) بأعداد كافية من الطلاب، وهو الأمر الذي جعل جامعة الأزهر تستقبل أعدادا كبيرة من حملة الثانوية العامة بالمدارس، وهم لا يتزودون بثقافة دينية وعربية تؤهلهم أن يكونوا حماة الإسلام.أدرك الشيخ الأكبر رضي الله عنه خطورة هذا الموقف فجاب القرى والمدن يدعو الناس للتبرع لإنشاء المعاهد الدينية، فلبى الناس دعوته وأقبلوا عليه متبرعين، ولم تكن ميزانية الأزهر تسمح بتحقيق آمال الإمام في التوسع في التعليم الأزهري، فكفاه الناس مؤونة ذلك، وكان لصلاته العميقة بالحكام وذوي النفوذ والتأثير وثقة الناس فيه أثر في تحقيق ما يصبو إليه، فزادت المعاهد الأزهرية في عهده على نحو لم يعرفه الأزهر من قبل.


تطبيق الشريعة الإسلامية بالديار المصرية :


من أهم دعوات الإمام الأكبر رضي الله عنه دعوته إلى تطبيق الشريعة الإسلامية من ميادين الجهاد التي خاضها في صبر وجلد داعيا وخطيبا ومحاضرا ومخاطبا المسؤولين في البلاد، فكتب إلى كل من: سيد مرعي رئيس مجلس الشعب، وممدوح سالم رئيس مجلس الوزراء يطالبهما بالإسراع في تطبيق الشريعة الإسلامية، ويقول لهما: (لقد آن الأوان لإرواء الأشواق الظامئة في القلوب إلى وضع شريعة الله بيننا في موضعها الصحيح ليبدلنا الله بعسرنا يسرا وبخوفنا أمنا...).لم يكتف الإمام الأكبر رضي الله عنه بإلقاء الخطب والمحاضرات وإذاعة الأحاديث، بل سلك سبيل الجهاد العلمي، فكون لجنة بمُجمّع البحوث الإسلامية لتقنين الشريعة الإسلامية في صيغة مواد قانونية تسهل استخراج الأحكام الفقهية على غرار القوانين الوضعية، فأتمت اللجنة تقنين القانون المدني كله في كل مذهب من المذاهب الأربعة : الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.


الاهتمام بأمور المسلمين وشؤونهم :




كان الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه يستشعر أنه إمام المسلمين، والمرشد الروحي الأعلى في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وأنه مسؤول عن قضاياهم أمام الله عزوجل، وكان المسلمون ينظرون إليه نظرة تقدير وإعجاب وتعظيم، فهم يعتبرونه رمز الإسلام وزعيم المسلمين الروحي، ولهذا كان يخفق قلب الإمام الأكبر رضي الله عنه لكل مشكلة تحدث في العالم الإسلامي، ويتجاوب مع كل أزمة تلمّ ببلد إسلامي.فقد أصدر بيانا بشأن الأحداث الدامية والحرب الأهلية في لبنان، دعا الأطراف المتنازعة من المسلمين والمسيحيين إلى التوقف عن إراقة الدماء وتخريب معالم الحياة، وأهاب بزعماء العرب والمسلمين إلى المسارعة في معاونة لبنان على الخروج من أزمته، وفاء بحق الإسلام وحق الأخوة الوطنية والإنسانية، وقياما ببعض تبعات الزعامة والقيادة التي هي أمانة الله في أعناقهم.لم يكتف الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه بذلك بل أرسل برقية إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية يناشده العمل بحسم وعزم على وقف النزيف الدموي الذي أسالته المؤامرات المعادية على أرض لبنان.

الأزمة المغربية الجزائرية :


 قامت أزمة عنيفة بين المغرب والجزائر بشأن مشكلة الصحراء الغربية التي كانت أسبانيا تحتلها، وأدى الخلاف بينهما إلى مناوشات حربية كادت تتحول إلى حرب عنيفة. لما علم الإمام الأكبر عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه بأخبار هذه التحركات سارع إلى إرسال برقية إلى كل من ملك المغرب ورئيس الجزائر، دعاهما إلى التغلب على نوازع الخلاف وعوامل الشقاق والفرقة، وأن يبادرا بتسوية مشكلاتهما وموضوعات الخلاف بينهما بالتفاهم الأخوي والأسلوب الحكيم، وناشدهما باسم الإسلام أن يلقيا السلاح وأن يحتكما إلى كتاب الله عزوجل.أرسل رضي الله عنه في الوقت نفسه برقية إلى الرئيس الراحل محمد أنور السادات يرجوه التدخل للصلح بين القطرين الشقيقين، جاء فيها: (تتعلق بزعامتكم قلوب المسلمين من العرب والمسلمين الذين ينتظرون مساعيكم الحميدة في إصلاح ذات البين بمناسبة الصدام المسلح المؤسف بين البلدين الشقيقين الجزائر والمغرب).رد السادات على برقية شيخ الأزهر رضي الله عنه ببرقية يخبره فيه بمساعيه للصلح بين الطرفين جاء فيها: (تلقيت بالتقدير برقيتكم بشأن المساعي لحل الأزمة بين الجزائر والمغرب، وأود أن أؤكد لكم أن مصر تقوم بواجبها القومي من أجل مصالح العرب والمسلمين، وما زال السيد محمد حسني مبارك نائب الرئيس يقوم بمهمته المكلف بها، أرجو الله عز وجل أن يكلل جهوده بالنجاح والتوفيق...).في الوقت نفسه أرسل برقية إلى الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية آنذاك يدعوة للتدخل إلى حقن الدماء بين الشقيقين وفض النزاع بينهما، وقد أحدثت هذه البرقيات أصداء قوية، وكانت عاملا في هدوء الحالة بين الدولتين الشقيقتين المغرب والجزائر.

وفاة الإمام الأكبر رضي الله عنه:




كانت حياة شيخ الأزهر الإمام عبد الحليم محمود الشَّاذلي رضي الله عنه جهادا متصلا وإحساسا بالمسؤولية التي يحملها على عاتقه، فلم يركن إلى اللقب الكبير الذي كان يحمله، أو إلى جلال المنصب الذي يتقلده، فتحرك في كل مكان يرجو فيه خدمة الإسلام والمسلمين، وأحس الناس فيه بقوة الإيمان وصدق النفس، فكان يقابل مقابلة الملوك والرؤساء، بل أكثر من ذلك؛ حيث كانت جموع المسلمين المحتشدة والتي بلغت مئات الآلاف هرعت لاستقباله في: الهند، وباكستان، وماليزيا، وأندونيسيا، وإيران، والمغرب، وغيرها من الدول العربية والإسلامية كانت قد خرجت عن حب واعتقاد وطواعية لا عن سوق وحشد وإجبار.في ظل هذا الجهود المباركة والرحلات المتتابعة لتفقد أحوال المسلمين في شتى بقاع العالم، شعر الإمام رضي الله عنه بآلام شديدة بعد عودته من الأراضي المقدسة فأجرى عملية جراحية لقي الله عزوجل بعدها في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق (15 ذو القعدة 1398هــــــــــ = 17 أكتوبر 1978م) تاركاً ذكرى طيبةً، وقدوةً حسنةً، ومثالاً مشرقاً مُضيئاً لأئمة الإسلام المُجدّدين، ونموذجاً فريداً لما يجب أن يكون عليه شيخ الأزهر الشريف، رحمه الله تعالى رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ونفعنا بعلومه ومعارفه، وأسراره ونفحاته، وأعاد علينا من أنواره وبركاته في الدارين، وأمدنا بمدده في كل آن وحين، آمين آمين أمين بجاه سيد المرسلين .. ((الفاتحة)).



مصادر خارجية :


(النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين) للعلامة محمد رجب البيومي.

الإمام عبد الحليم محمود رضي الله عنه (الموقع الرسمي).

عبد الحليم محمود من إسلام اون لاين.

طالع أيضًا تراجم وسير ومناقب ومؤلفات:

1 - رائد النهضة الإسلامية الحديثة الإمام الأمير السيّد جمال الدّين الأفغاني الحُسيني الحنفي (1254 - 1314هــ).

2 - مُجدّد الإسلام الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده الحنفي مُفتي الدّيار المصرية (1266 - 1323هـــ).

3 - الإمام العلامة الجليل السيّد محمد رشيد رضا الحُسيني الحنفي (1283 - 1354هـــــ).

4 - شيخ الأزهر وقاضي القضاة فضيلة الإمام الأكبر محمد مصطفى المراغي الحنفي (1298 - 1364هـــ).

5 - رائد الفلسفة الإسلامية (الأول) شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر أ. د. مُصطفى عبدالرّازق الشافعي (1303 - 1366هـــ).

6 - شيخ الأزهر ومُفتي الدّيار المصرية فضيلة الإمام الأكبر عبد المجيد سليم الحنفي (1299 - 1374هـــ).

7 - شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر أ. د. محمد عبد الرحمن بيصار (1328 - 1402هـــ).

8 - علامة الشام فقيه الأدباء وأديب الفقهاء القاضي الشيخ علي الطنطاوي الحنفي (1327 - 1418هـــ).

9 - عميد الأدب العربي العلامة الحجة الكبير الشيخ محمود محمد شاكر الحسني الحنفي (1327 - 1418هــــ).

10 - بركة العصر الإمام العارف بالله مولانا محمد متولي الشعراوي (1329 - 1419هـــ).

11 - مُجدّد القرن سماحة شيخ الإسلام أبي الحسن علي الحسني النّدوي الحنفي المُجدّدي (1333 - 1420هــــ).

12 - رئيس الأشاعرة في عصره العلامة أ. د. علي سامي النشّار (1335 - 1400هــــ).

13 - الإمام المُجدّد الرباني الشيخ محمد الغزالي الحنفي (1336 - 1416هـــ).

14 - العلامة الموسوعي الحبر الكبير أ. د. محمد رجب البيومي (1342 - 1432هـــ).

15 - علامة الشام الإمام العارف بالله الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الشافعي (1349هـــ - 0000).

16 - رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين شيخ الإسلام جمال الدّين يوسف القرضاوي الحنفي (1345هـــ - 0000).

17 - نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الإمام العلامة الحافظ سيدي عبد الله بن بيّه الشنقيطي المالكي.

18 - رائد المدرسة الفكرية الوسطية الإسلامية العالمية العلامة المُحقق الجليل أ. د. محمد عمارة (1349هـــ - 0000).

19 - المُفكّر والفيلسوف والفقيه القانوني الكبير العلامة أ. د. محمد سليم العوّا (1362هـــ - 0000).

20 - مُحدّث الحرمين الإمام العلامة أ. د. السيّد محمد علوي الإدريسي المالكي (1367 - 1425هــ).

21 - شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيّب الأشعري المالكي الخلوتي (1365هـــ - 0000).

22- مُفتي الدّيار المصرية الإمام العلامة أ. د. علي جمعة الشافعي.

والحمد لله أولا وآخرا.

(منقول من ويكيبيديا بزيادات وتصرف يسير).